بعد مقتل 3 أكراد.. تساؤلات جادة عن العنصرية في أوروبا
بعد مقتل 3 أكراد.. تساؤلات جادة عن العنصرية في أوروبا
كشف هجوم باريس الأخير والذي راح ضحيته 3 أكراد فضلا عن إصابة آخرين، عن حجم الكراهية والعنصرية الكامنة لدى البعض والتي تطفو على السطح بين الحين والآخر.
وفي هذا السياق، قالت المدعية العامة في باريس، لوري بيكواو، إن المشتبه به في قتل 3 أكراد وإصابة ثلاثة آخرين في هجوم باريس، الذي وقع يوم الجمعة، أوضح أثناء احتجازه أنه ذهب أولا إلى ضاحية سان دوني "لارتكاب جرائم قتل ضد أجانب".
وأوضحت بيكواو في تصريحات لها، الأحد، أن المتهم، الذي يبلغ 69 عاما، تخلى عن فكرة استهداف ضاحية سان دوني بسبب قلة الأجانب المتواجدين، متوجها إلى مكان آخر، وفق شبكة بي بي سي.
وأطلق المهاجم النار على مركز ثقافي كردي ومطعم وصالون حلاقة، مما أسفر عن مقتل 3 أكراد وإصابة ثلاثة آخرين، أحدهما في حالة حرجة.
وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن الشرطة وجدت بحوزة المتهم "مخزنين أو ثلاثة ممتلئة بالخراطيش وعلبة خرطوش من عيار 45 تحوي 25 خرطوشة على الأقل".
وأشارت تحقيقات النيابة الفرنسية أن المشتبه به، سائق قطار متقاعد، اعترف بأنه يكن "كراهية كبيرة للأجانب".
إدانة رسمية
وأدان الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الهجوم، قائلا إن "أكراد فرنسا تعرضوا لهجوم شنيع في قلب باريس".
وقال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، إن المسلح "استهدف بوضوح أجانب".
ولم تذكر سلطات التحقيق ما إذا كان المهاجم قد سعى إلى استهداف الأكراد على وجه الخصوص أم كان يستهدف الأجانب بشكل عام.
وقررت السلطات الفرنسية، السبت، نقل المشتبه به إلى مصحة نفسية تابعة لجهاز الشرطة.
وقالت النيابة الفرنسية إن الطبيب الذي فحص المشتبه به “خلص إلى أن الوضع الصحي للشخص المعني لا يتوافق مع إجراء الاحتجاز”، وأضافت أنه سيتم عرض المتهم على قاضي التحقيق عندما تسمح حالته الصحية.
ويملك المهاجم سجلا إجراميا، إذ أشارت السلطات الفرنسية إلى أن المتهم تم إطلاق سراحه مؤخرا، وفي انتظار المحاكمة على خلفية هجومه بالسيف على مخيم للمهاجرين في باريس قبل عام.
وحكم عليه، في يونيو الماضي، بالسجن 12 شهرا بتهمة ارتكاب أعمال عنف بسلاح في 2016، إلا أن المتهم استأنف الحكم.
العنصرية في أوروبا
ولا تقتصر حوادث العنصرية على فرنسا، إذ نقلت صحيفة "ميرور" البريطانية، في 15 ديسمبر، قصة سائق سيارة أجرة يُجبر على النوم في سيارته بعد استهداف "عنصري" متكرر تعرض له على مدى 3 سنوات.
ويقول هيليب تسفاي، إنه اضطر لمغادرة منزله والنوم في السيارة بعد تعرضه لمضايقات عنصرية منذ انتقاله إلى منزله قبل 3 سنوات.
ويضيف تسفاي أنه عندما انتقل إلى منزله في منطقة "كينجستينج" في برمنجهام، قام مخربون بتحطيم باب شقته وتخريب عدادات الغاز والكهرباء.
وقام المهاجمون بحفر كلمة "ارحل" على صندوق بريده مع تحطيم نافذة منزله، كذلك، قام المهاجمون بإزالة مقبض الباب الأمامي لمسكنه.
وعلى الرغم من استمراره في دفع 500 جنيه إسترليني شهريا للمجلس المحلي للحفاظ على حقه في المسكن، يستمر تسفاي في النوم داخل سيارته لتجنب المهاجمين.
وتقدم تسفاي بشكاوى متكررة إلى الشرطة، إلا أن الشرطة قالت له "إنه لا يوجد شيء يمكنهم القيام به لأنهم لا يستطيعون التعرف على المهاجم".
وتقدم تسفاي بطلب إلى المجلس المحلي لتوفير سكن بديل له، إلا أن المجلس المحلي لم يتمكن من توفير سكن بديل له حتى الآن.
ويؤكد تسفاي أن ما تعرض له أثر بشكل كبير على صحته النفسية، مضيفا: "أفكر في الأمر طوال الوقت، عندما أذهب إلى النوم، عندما أكون في الحمام".
واستقال أكثر من 120 ألف عامل من الأقليات العرقية من وظائفهم بسبب العنصرية، وفقا لدراسة حديثة.
وبحسب دراسة أجراها "مؤتمر اتحاد العمال"، ونشرتها جريدة "الغارديان" البريطانية، في سبتمبر الماضي، فإن أكثر من 1 من كل 4 عمال من أصحاب البشرة السمراء ومن الأقليات العرقية الأخرى تعرضوا لـ"نكات" ذات طبيعة عنصرية في محل عملهم خلال السنوات الخمس الماضية.
ووفقا لما يُعتقد أنه أكبر استطلاع تمثيلي تم إجراؤه لـ3.9 مليون عامل من الأقليات العرقية في المملكة المتحدة، فإن ثمانية في المئة من الضحايا تركوا وظائفهم نتيجة للعنصرية التي تعرضوا لها.
صعود اليمين المتشدد
وتشهد عدة دول أوروبية صعودا ملحوظا لأحزاب اليمين المتشدد، والتي تعرف بمواقفها المعادية للهجرة والمهاجرين والأجانب بشكل عام.
ففي إيطاليا، تمكنت زعيمة ائتلاف اليمين المتشدد، جورجيا ميلوني، من الوصول إلى منصب رئاسة الوزراء.
وحقق ائتلاف اليمين المتشدد الذي يضم أحزاب "إخوة إيطاليا" و"الرابطة" و"فورزا إيطاليا"، نتائج تاريخية بفوزه بنحو 44.1 في المئة من الأصوات، في انتخابات سبتمبر 2022.
وفي السويد، حقق حزب "ديمقراطيو السويد" اليميني المتطرف، في انتخابات سبتمبر 2022، مكاسب انتخابية كبيرة، حيث أصبح ثاني أكبر حزب سياسي في البلاد بعد الحزب الديمقراطي الاجتماعي.
وفي فرنسا، تمكن حزب "التجمع الوطني" اليميني المتطرف، بقيادة مارين لوبان، من تحقيق فوز تاريخي في انتخابات 2022، بحصوله على أكثر من 18 في المئة من أصوات الناخبين الفرنسيين.
وفي ألمانيا، استطاع حزب "البديل من أجل ألمانيا" دخول البرلمان الألماني بعد فوزه بحوالي 13 في المئة من أصوات الناخبين في انتخابات 2017، واستفاد الحزب من أزمة اللاجئين لحصد أصوات الناخبين المعارضين للهجرة.
وتستغل أحزاب اليمين المتطرف موجات الهجرة والاضطرابات الاقتصادية والاجتماعية وتراجع القدرة الشرائية للمواطن الأوروبي في جلب الأصوات، من خلال التحريض ضد المهاجرين والأجانب بشكل عام.